النقد الإعلامي البناء- أداة للإصلاح والتطوير في العمل العام

المؤلف: خالد السليمان09.26.2025
النقد الإعلامي البناء- أداة للإصلاح والتطوير في العمل العام

إن النقد الإعلامي يمثل دعامة جوهرية للإصلاح والتقويم في سياق العمل العام، وهو أداة فعالة لتحقيق رفاهية المجتمع ومصالحه. يتأرجح مستوى هذا النقد صعودًا وهبوطًا تبعًا للظروف المحيطة التي تؤثر على المشهد العام، وغالبًا ما يتأثر بمفهوم الرقابة، وأحيانًا بالاجتهادات الشخصية التي قد تصيب أو تخطئ!

من الضروري الحفاظ على مساحة واسعة للنقد، وذلك في ظل وجود قوانين ولوائح نشر يمكن الرجوع إليها لتقييم أي تجاوزات محتملة في حرية التعبير، مما يساعد على التمييز بين النقد البناء الذي يهدف إلى الإصلاح والنقد الهدام الذي يستند إلى أغراض خبيثة. هذه الأهمية لا تقتصر على الصحفيين وكتاب الرأي والمدونين فحسب، بل تمتد لتشمل جميع العاملين في القطاع العام، فالنقد بمثابة مرآة تعكس الأخطاء والمواطن السلبية، ويهدي إلى مكامن الخلل، ويسهم في عملية الإصلاح. كما أنه مصدر لا ينضب من الأفكار والاقتراحات البناءة التي تساعد في تطوير الأنظمة والقوانين، وتحسين الأداء والبرامج والمبادرات!

إن ممارسة النقد لها فوائد جمة، فهي تجعل العاملين في القطاع العام في حالة ترقب دائم لمراقبة المجتمع من خلال وسائل الإعلام المختلفة، مما يشجعهم على أداء واجباتهم الوظيفية على أكمل وجه وتجنب أي تقصير. في المقابل، يؤدي غياب النقد إلى تحرر بعض المسؤولين من الرقابة المجتمعية، وتفاقم حساسيتهم تجاه النقد، خاصة عندما يعتادون على ممارسة عملهم دون وجود من يقيم أداءهم وينتقده في وسائل الإعلام، فيتوهمون أنهم فوق مستوى المساءلة!

خلال مسيرتي المهنية الطويلة في مجال الإعلام، التقيت بالعديد من المسؤولين الذين وجدوا في النقد وسيلة إيجابية تساعدهم على تحقيق النجاح. كانوا يعبرون عن امتنانهم عند انتقاد بعض جوانب عمل إداراتهم، أو عند تقديم المشورة بشأن بعض السلبيات والأخطاء، أو عند تلقي الاقتراحات والأفكار البناءة. كانوا يعتبرون ذلك بمثابة دعم لعملهم واستكمالًا لأسس الشراكة الوطنية في خدمة المجتمع، بينما كان هناك مسؤولون آخرون حساسون للغاية تجاه النقد، يسيطر عليهم وهم الاستهداف الشخصي، دون أن يدركوا أن لا أحد سيكتب عنهم بعد تركهم مناصبهم وانتقالهم إلى منازلهم!

إن أسوأ نماذج هؤلاء "الحساسين" هم أولئك الذين يرهقون مؤسسات العدالة ويستنزفون وقتها وجهدها من خلال القضايا والشكاوى المرفوعة ضد ممارسي النقد. والعديد من هذه القضايا والشكاوى يتم رفضها في الجلسة الأولى لعدم مخالفتها قوانين النشر. هؤلاء الأشخاص لا يكتفون بإضاعة وقت وجهد المؤسسات القضائية فحسب، بل يهدرون أيضًا موارد الإدارات القانونية لمؤسساتهم الحكومية ويسخرونها لتحقيق أوهامهم الشخصية!

باختصار، النقد البناء هو أداة قيمة للبناء والدعم والمساندة في سبيل تقدم الوطن وازدهار مسيرة التنمية!

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة